كشف مشروع “اتفاق ثلاثي الأطراف”، عن تفاصيل العرض الحكومي الذي قدمه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة لزعماء المركزيات النقابية، الأكثر تمثيلية، والذي تضمن ستة محاور:
- أوله يرتبط ب”ترصيد مكتسب مأسسة الحوار الاجتماعي وانتظام عقد دوراته”،
- وثانيه يهم “تحسين الدخل”،
- فيما يتصل ثالثه ب” القطاع الخاص”،
- ورابعا ب”القطاع العام”،
- ويتعلق خامس هذه المحاور ب”إصلاح منظومة التقاعد”،
- في حين يتطرق المحور السادس لموضوع “التشاور حول أسس ميثاق اجتماعي”.
واقترح مشروع الاتفاق :
- الزيادة في أجور موظفي الإدارات العمومية والجماعات الترابية ومستخدمي المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، المرتبين في السلاليم 6 و7 و8 و9، وكذا في الرتب من 1 إلى 5 من السلم العاشر، أو ما يعادل ذلك، بمبلغ شهري صافي يقدر ب300 درهم، يصرف على مدى ثلاثة سنوات ابتداء من فاتح يناير 2019.
- الرفع من التعويضات العائلية ب100 درهم عن كل طفل لتشمل ستة أطفال، وذلك بالقطاع العام ابتداء من فاتح يوليوز 2018، وبالقطاع الخاص بعد مصادقة المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
- كما اقترح العرض الحكومي “إحداث درجة جديدة للترقي بالنسبة للموظفين المرتبين في سلمي الأجور 8و9″، مع تحسين شروط الترقي ب”النسبة لأساتذة التعليم الابتدائي وملحقي الاقتصاد والإدارة، وكذا الملحقين التربويين المرتبين جميعهم في الدرجة الثانية، والذين تم توظيفهم لأول مرة في السلمين 8و9″،
- إلى جانب “الرفع من منحة الإزياد عن المولود من 150 درهم حاليا إلى 100 درهم، ابتداء من فاتح يوليوز 2018″،
- و”الشروع في تفعيل التعويض عن العمل في المناطق النائية بمبلغ قدره 700 درهم شهريا”.
- تعهدت الحكومة من خلال مشروع الاتفاق المذكور، بفتح “مشاورات مع المنظمات النقابية الأكثر تمثيلية حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب بالموازاة مع مناقشته بالبرلمان”،
- كما التزمت ب”العمل على مراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي”،
- و”إحداث وحدة إدارية على مستوى وزارة الشغل والإدماج المهني تعنى بالشؤون النقابية ومعالجة وتتبع المعطيات المتعلقة بالحريات النقابية”،
- فضلا عن “الحرص على احترام المقتضيات القانونية ذات الصلة بتسليم وصولات إيداع المكاتب النقابية المؤسسة بطريقة قانونية”.
- مشروع الاتفاق نص أيضا على أن رئيس الحكومة سيوجيه دورية “إلى الولاة والعمال من أجل السهر شخصيا على تفعيل اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة وحسن تسييرها وانتظام جلساتها وتتبع تنفيذ الاتفاقات المترتبة عنها”، بالإضافة إلى “إحداث لجنة تحت إشرافه “للنظر في النزاعات المستعصية ذات البعد الوطني”، و”تشجيع عقد اتفاقيات الشغل الجماعية القطاعية”، و”تفعيل آلية التحكيم وتعزيز دورها في حل النزاعات الاجتماعية وتوفير الشروط المادية لاشتغالها”.
- وضع استراتجييه وطنية منسجمة في ميدان الحماية الاجتماعية”،
- “العمل على تحسين نظام التعويض عن فقدان الشغل وتبسيط مسطرة الاستفادة منه للرفع من عدد المستفيدين”،
- “محاربة ظاهرة عدم التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”،
- “العمل على إلزام المصحات باحترام التعريفة المرجعية”،
- بحث امكانية “توسيع سلة الخدمات التي تخولها التغطية الصحية الاجبارية”،
- “مراجعة شروط الاستفادة من راتب الشيخوخة فيما يتعلق بالتوفر على 3240 يوم عمل”،
- مع “مراجعة سقف الأجر الشهري المعتمد لاحتساب المعاش والمحدد في 6000 درهم”.
- وبخصوص تشريعات الشغل، وعدت الحكومة عبر اتفاقها “الثلاثي” ب”إطلاق التشاور بين الأطراف الثلاثة من أجل العمل على مراجعة مدونة الشغل، على ضوء توصيات المناظرة الوطنية المنعقدة سنة 2014، وفق مقاربة تروم تحقيق التوازن بين حاجيات المقاولة من أجل مساعدتها عل مسايرة وتيرة التحولات الاقتصادية ومواجهة الاكراهات الداخلية والخارجية، وبين محاربة الهشاشة في التشغيل والحفاظ على رصيد الشغل وعلى الحقوق المكتسبة للأجراء”.
ونص الاتفاق كذلك على فتح “التشاور بشأن المرسوم المتعلق بتحديد القطاعات والحالات الاستثنائية التي يمكن فيها إبرام عقد شغل محدد المدة”، وكذا على “تقنين واعتماد عقد الشغل لبعض الوقت لمواكبة التطورات التي يعرفها عالم الشغل من جهة، وخدمة لمصالح طرفي العلاقة الشغيلة من جهة أخرى”. واقترح الوثيقة عينها “مراجعة المقتضيات والأحكام القانونية المتعلقة بالتشغيل المؤقت بما يلبي حاجات المقاولة وضمن الحقوق الأساسية للأجراء”، علاوة على “مواصلة الحوار مع الأطراف المعنية في موضوع التوحيد القانوني بين الحد الأدنى لأجور في القطاع الصناعي والتجاري ونظيره في القطاع الفلاحي”، و”تقوية جهاز تفتيش الشغل وتجويد حكامته وتطوير مستويات كفاءته ونجاعته”، وكذا “تقوية التعاون والتنسيق بين مصالح وزارة الشغل والإدماج المهني مع مصالح وزارة العدل والنيابة العامة لتتبع مال المحاضر المحررة من طرف مفتشي الشغل”.
الاتفاق نفسه، والذي ردت عليه النقابات بالرفض عبر بلاغات رسمية لها، أفرد حيزا مهما لقطاع النقل، حيث اقترح في هذا المجال “التدرج في تعميم استفادة السائقين المهنيين من الحماية الاجتماعية الشاملة”، و”العمل على تنظيم وتقنين قطاع النقل ومحاربة كل أشكال النقل السري، العمل على إيجاد حلول لإشكالية نقل الأجراء الفلاحين”.
هذه مواعيد الحوار الاجتماعي المقبلة وفيما يخص جدولة الحوار الاجتماعي، نص العرض الحكومي الذي وزعه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني على النقابات الأكثر تمثيلية، عل جعل “شهر ماي المقبل”، موعدا لبدء “التشاور بشأن قانون النقابات والجمعيات المهنية”، فيما اقترح شهر شتنر من السنة نفسها كتاريخ “لاطلاق التشاور بشأن تعديل مدونة الشغل ومنظومة التعاقد من أجل التكوين وادماج القطاع غير المهيكل”.
الاتفاق كذلك، اقترح أن يكون شهر أبريل من السنة القادمة(2019)، مخصصا “لإطلاق التشاور بشأن إصلاح نظام التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، وإحداث تامين اجتماعي تضامني وتعاضدي والتصريح الكلي بحوادث الشغل الأمراض المهنية وتوسيع لائحة الأمراض المهنية”، فيما اقترح شهر شتنبر من السنة ذاتها 2019 أن يكون موعدا “لإطلاق التشاور بشأن إصلاح منظومة التقاعد بالقطاع الخاص، وكذا منظومة انتخاب ممثلي الأجراء”. منظومة الوظيفة العمومية..تقادم يحتاج إلى علاج وتوقف مشروع الاتفاق عند “الاختلالات التي تعتري منظومة الوظيفة العمومية”، والمتمثلة أساسا في تقادم النظام الأساسي الحالي واعتماد المقاربات الفئوية والقطاعية، “مما أفقد هذا النظام توازنه وانسجامه، وأدى الى تفاقم الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها”، يقول مشروع الاتفاق، الذي أقر ب”عدم مسايرة المنظومة الحالية لمتطلبات التدبير الحديث للمرافق العمومية”، والتي ينضاف إليها “سيادة التدبير التقليدي للموظفين، واعتماد المنطق النظامي المرتكز على الإطار او الدرجة في تدبير المسارات المهنية للموظفين ، بدلا من المنطق الوظيفي الذي يستند على أساس الوظيفة والكفاءة”.
وفي هذا السياق اشددت الحكومة في عرضها على ضرورة “مراجعة منظومة الوظيفة”، وذلك من خلال “ملاءمة الاطار التشريعي لمنظومة الوظيفة العمومية مع الدستور ومع الوظائف والأدوار الإستراتيجية”، و”إرساء نموذج جديد للوظيفة العمومية يقوم على تدبير الكفاءات والوظائف وفق منظور يراعي مبدأ التدرج في تنزيل الإصلاحات”.
ووعدت الحكومة ب”مواصلة الحوار حول مراجعة منظومة الوظيفة العمومية التي يتعين أن تراعي مبادئ الدستور المرتبطة ب”المرفق العمومي والحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة وارساء الجهوية وتكريس الحقوق الجماعية والفردية”، وكذا مبدأ الشمولية في اصلاح منظومة الوظيفة العمومية، مع “الحفاظ على الحقوق المكتسبة للموظفين.
وفي ما يخص منهجية هذا الإصلاح، نص مشروع الاتفاق على وضع “الآليات والأدوات الحديثة لتدبير الموارد البشرية”، و”إرساء منظومة محفزة لتقييم مردودية وأداء الموظفين بناء على معايير موضوعية”، و”مراجعة منظومة الأجور وفق معايير الاستحقاق والكفاءة والمردودية”، وكذا “تطوير نظام الحماية الاجتماعية للموظفين عبر توفير شروط الصحة والسلامة والوقاية من حوادث الشغل داخل مقرات العمل كما هو متعارف عليه دولي”، و”تكريس ضممان الحرية النقابية للموظف العمومي”. إصلاح جديد ينتظر التقاعد وفيما يخص القضايا المتبقية التي أشار مشروع الاتفاق إلى أهمها، والتي وعدت الحكومة بمواصلة التشاور بشأنها، فتهم “توحيد نظام الترقي”، و”إحداث درجة جديدة لفائدة الموظفين الذين لا يسمح لهم مسارهم المهني بالترقي سوى مرة واحد او مرتين”، و”مراجعة التعويض عن الإقامة”، وكذا “تعميم الخدمات التي تقدمها مؤسسات الأعمال الاجتماعية”، بالإضافة إلى “معالجة مطالب بعض هيئات الموظفين من قبيل التقنيين، والمساعدين الإداريين، والمساعدين، والمتصرفين، والأطباء، كما وعدت الحكومة في عرضها ب”تعزيز التشاور حول مراجعة النظام القانوني للمجلس الأعلى للوظيفة العمومية”، و”ومراجع نظام التمثيلية في المجلس الاداري للصندوق المغربي للتقاعد”، و”مأسسة الحوار الاجتماعي في القطاع العام مركزيا وقطاعيا”.
وكان لإصلاح التقاعد نصيب من مشروع اتفاق ثلاثي الأطراف، حيث نص هذا الأخير “على إطلاق مسلسل الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد بالمغرب”، وذلك من خلال التشاور بشأن “إرساء نظام للقطبين العام والخاص، بناء على دراسة تشرف وزارة الاقتصاد والمالية على انجازها”. كما حث الاتفاق المذكور على ضرورة العمل على إطلاق “مشاورات حول أسس ميثاق اجتماعي يحقق التماسك والسلم الاجتماعيين، ويرسي قواعد تنمية اقتصادية واجتماعية، متوازنة”، مع الاستفادة من رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الصادر في الموضوع.” للمركزيات النقابية موقف رافض رد المركزيات النقابية الأربع الأكثر تمثيلية، (الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب)، على العرض الحكومي لم يتأخر كثيرا، إذ سارعت عبر بلاغات وتصريحات صحفية متفرقة لها إلى التعبير عن رفضها له، ومنها من وصفته بال”الضعيف والهزيل”. وفي هذا السياق، أعلنت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، عن رفضها لعرض حكومة سعد الدين العثماني في الحوار الاجتماعي، حيث قالت في بلاغ لها أصدرته الأربعاء عقب اجتماع مجلسها الوطني “إنها لا تقبل بالعرض الحكومي حول الزيادة في الأجور”، مطالبة ب”الزيادة العامة في الأجور ورفع التعويضات التي تهم كل الفئات وكل القطاعات، والتخفيض الضريبي وتحسين الدخل، وتنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011، وإرجاع القانون التنظيمي للإضراب لطاولة الحوار الاجتماعي”.
كما انضمت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية إلى النقابات الرافضة للعرض الحكومي، وطالبت ب”تجويده وتحسينه وتعميم أثاره”. من جانبه، وصف علال بلعربي، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريح ل”رسالة الأمة” العرض الذي قدمه العثماني لنقابته، ب”غير المقبول”، وقال إنه “بقياس تكلفة المعيشة، فإن العرض ضعيف جدا وهزيل، فضلا على أنه غير معمم واستثنى شرائح واسعة من الموظفين”. واعتبر المتحدث ذاته أن الحكومة “لم تتعامل بمسؤولية مع الحركة النقابية”، وأن ما قدمه رئيسها “يوضح بجلاء أنها لم تدرك جيدا ما آل إليه الوضع الاجتماعي من تدهور”، على حد تعبيره عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الذي حمل في الوقت ذاته رئيس الحكومة “مسؤولية فشل الحوار الاجتماعي”.