[ad_1]
وكشف خالد الصمدي، كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، في ورشة علمية حول التربية العلمية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنّ وزارة التربية الوطنية تعكف على مراجعة البرامج والمناهج الدراسية، وستجعل التربية العلميّة والتربية الفكرية والمنهجية أسّا لعملية المراجعة.
مراجعة المناهج والبرامج الدراسية، حسب ما صرّح به الصمدي، تعود إلى ما سمّاه “خطورة الشحن العلمي للطلاب بمفاهيم متعددة ربما ليست لهم القدرة على استيعابها بالشكل الكافي”، مبرزا أنّ هذا يتطلب إعادة النظر في طرق أساليب التربية العلمية في المؤسسات العلمية، سواء على مستوى البرامج والمناهج أو على مستوى الديداكتيك والتقويم.
ويبْدو أن المسؤولين القائمين على توجيه المنظومة التربوية في المغرب لم يعودوا مقتنعين بالطريقة المُتّبعة حالية لنشر المعرفة لدى التلاميذ في المؤسسات التعليمية المغربية، خاصة فيما يتعلق بالموادّ العلمية، لكوْنها لا تُتيح للمتعلمين تملُّك ثقافة علمية واسعة.
وحسب فؤاد شفيقي، مدير المناهج بوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، فإنّ المدرسة في المغرب، وفي العالم كله، ظلت تتعامل بمنطق تقسيم المواد الدراسية العلمية، أو ما يُعرف بمنظومة “STIM” (العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات)، لكنّ هذه المنظومة بحاجة إلى تطوير.
وقال شفيقي في حديث لهسبريس: “التحدي المطروح اليوم أمام المدرسة المغربية، والمدرسة في العالم ككل، هو الانتقال إلى التدريس وفق منظومة قائمة على تكامُل وتداخُل المعارف؛ وذلك بتدريس التلاميذ كل ما يتعلّق بالثقافة ضمن المواد العلمية، وليس الاقتصار على تدريسهم الثقافة العلمية فقط، وهذا النظام معمول به حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية”.
واعتبر شفيقي أنّ التجربة المغربية في مجال التدريس حاليا تُدمج الثقافة العامة ضمن المواد العلمية بشكل جزئي فقط؛ ففي كتاب علوم الحياة، مثلا، يتم إدماج موضوعات ذات علاقة بالتثقيف العلمي، كطرق الحفاظ على الصحة، والتغذية السليمة، وطرق الوقاية من الأمراض، “لكنّ هذه المقاربة جزئية ولا تكفي”، يقول المتحدث.
ويأتي انكباب وزارة التربية الوطنية على مراجعة البرامج والمناهج الدراسية العلمية في إطار تفعيل مقتضيات مشروع القانون الإطار المتعلق بإصلاح المنظومة التربوية، الذي ينصّ على إحداث لجنة دائمة للبرامج، تملك تصوّرا عاما حول كيفية جعل البرامج الدراسية متكاملة فيما بينها.
واعتبر فؤاد شفيقي أنّ الإصلاحات التي قامت بها وزارة التربية الوطنية في مجال مراجعة البرامج والمناهج الدراسية، ما بين سنتي 2000 و2002، كانت محصورة في الأفق الذي وضعه ميثاق التربية والتكوين.
وأوضح مدير المناهج بوزارة التربية الوطنية أنّ الانتقال الفعلي إلى برامج تعليمية تتضمّن مواد متداخلة فيما بينها، وتفعّل منظور “STIM” بشكل حقيقي، “يتطلب نظرة نَسَقية منذ البداية، لتتفرع عن هذه المواد (العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات) الموادُّ التي يجب أن تُدرّس في كل مادة دراسية”.
وجوابا على سؤال حول ما إذا كان المغرب يتوفّر على أطُر أكفاء لجعْل البرامج والمناهج الدراسية المغربية مفعّله لمنظومة “تداخل وتكامُل المعارف”، قال شفيقي: “طبعا لدينا أطر من مستوى عال، ويمكن القول إنّ البرامج التي لدينا في المغرب، وكذلك الكتب المدرسية، هي في نفس مستوى نظيرتها على المستوى الدولي، هذا إذا لم تكن أحسن من البرامج المعتمدة في بعض الدول”.
وعلى الرغم من توفّر المغرب على أطر قادرة على تطوير البرامج والمناهج الدراسية لتفعيل منظومة “STIM”، فإنّ ثمّة تحدّيا كبيرا يتمثل في ضعف الإمكانيات والموارد المادية الكفيلة بتنزيل هذه المنظومة داخل المؤسسات التعليمية.
في هذا الإطار، قال شفيقي: “لا يمكن أن ندرّس معارفَ داخل الأقسام، ولكي تُستعمل تلك المعارف يَجب أن يخرج التلميذ من القسم ليتعلم كيف يستعملها، ولكنه لا يجد حتى خارج القسم فضاءات لتطبيق المعارف التي تلقاها، وهذا تحدٍّ كبير لا يواجه المغرب فقط، بل يواجه عددا من بلدان العالم”.
وتهدف وزارة التربية الوطنية من خلال جعل التربية العلميّة أسّا للمنظومة التربوية إلى جعل المواطن المغربي يتملّك عددا من المعلومات والمعارف للمساهمة في توجيه السياسات العامة للدولة توجيها صحيحا.
ويشرح ذلك شفيقي قائلا: “إذا أردنا، مثلا، إنجاز مشروع في زراعة معينة، أو تحلية مياه البحر، أو مشروع من مشاريع الطاقة والبيئة، أو غيرها من المشاريع التنموية، فإنّ هذه القرارات تتمّ بناء على سياسات عامة، ولكنها في العُمق مرتبطة بنوع من المعرفة العلمية المتوفرة للمواطن، وهذه المعرفة يجب أن تتطور اليوم، بحيث إنَّ المواطن هو الذي يجب أن يوجه هذه السياسات العامة”.
[ad_2]