قبل أسابيع أطلقت ألمانيا تجربة تعليمية واسعة عندما تقرر إغلاق جميع المدارس بسبب جائحة كورونا. التعلم عن بعد يسير عموما بشكل جيد، غير أن أولئك الأطفال الذين يعانون من التهميش والحرمان هم الأكثر تضرراً بالفعل.
فرض إيقاع زمني يومي منظم
ترى يانا سيلشميدت، مجلة “سوبرئيللو” الألمانية (متخصصة في شؤون الطفل والأسرة) أن مساعدة الأطفال على التعلم بفعالية وانضباط تقتضي خلق شروط مناسبة تساهم فيها الأسرة بكاملها. من بينها ضبط مواعيد ثابتة للوجبات الغذائية. ثم ضبط أوقات التعلم والواجبات المدرسية وفصله عن وقت اللعب. إضافة إلى الالتزام الصارم بإيقاع معين للنوم. هيكل زمني بإيقاع يومي منظم يُعطي الأطفال الإحساس بالأمن والأمان الداخلي، وبالتالي المساعدة في تطوير بوصلة ذاتية تساعدهم على تحديد الأهداف التي تقتضيها كل وضعية.
ترك الأطفال يتعلمون ويجربون
من المفروض أن يتلقى التلاميذ برامج تعليمهم من قبل مدرسيهم عبر البريد الإلكتروني أو أي وسيلة أخرى. كما أن هناك تطبيقات مفيدة جدا منها تطبيق ANTON الشهير المجاني المدعوم من الاتحاد الأوروبي (باللغتين الألمانية والانجليزية).وفي دول عربية كثيرة هناك تطبيقات مشابهة ومفيدة تتعلق بكل المواد من لغة ورياضيات وفيزياء إلخ…
لا تغفلوا الأنشطة اليدوية بكل أنواعها
تعتبر الأنشطة اليدوية التي تعتمد الحركة والتحفيز الذهني، كالرسم والألعاب الاجتماعية التي قد يشارك فيها باقي أعضاء الأسرة، من الأعمال المفيدة جدا للأطفال. هذه الأنشطة ممتعة من جهة، وتحفز ملكات الإبداع والمهارات الحركية الدقيقة من ناحية أخرى. كما تساعد على تنمية إمكانياته في التركيز، وهو ما يستفيد منه الطفل لاحقا من حيث القدرة على التحصيل الدراسي.
السماح بالكسل ووقت للملل
من حق الأطفال، بل من المفيد لهم الإحساس من حين للآخر بالضجر والملل. والمفارقة هو أن ذلك يعزز ويحفز القدرات الإبداعية في الدماغ. ويُنصح بالتخطيط لأوقات، من حق الأطفال أن يفعلوا فيها ما يشاؤون، أو ألا يفعلوا أي شيء على الإطلاق حتى ولو بدا الأمر صعبا في البداية.
إشاعة الطاقة الإيجابية شرط للنجاح
يَعلم خبراء التربية علم اليقين، أن حالات الإجهاد والتعصب معدية وتنتقل بسرعة من الكبار للصغار. لذلك يتعين على الآباء والأمهات وأولياء الأمور الحفاظ على هدوئهم، إن كانوا يأملون رؤية أطفالهم كذلك. ويوصي الخبراء كذلك بشرح وضعية الحجر وخطورة عدوى الفيروسات القاتلة بشكل يناسب مختلف الفئات العمرية للأطفال.
مواصلة العلاقات الاجتماعية بالهاتف أو الرسائل
فيروس كورونا المستجد يفرض التباعد الجسدي بتجنب التجمعات الكبيرة المزدحمة، مع حماية الفئات الأكثر تعرضا للخطر من كبار السن ومن أصحاب السوابق المرضية. هذا يفرض منع الاتصال المباشر بين الأجداد والأحفاد. لكن ذلك لا يعني وضع حد للعلاقة معهم، بل بالعكس، يجب مواصلتها عبر الرسائل أو المكالمات الهاتفية. ويمكن أن يتم ذلك في موعد دوري يدخل ضمن الطقوس اليومية التي تعزز الانتماء الجماعي وتزيد من راحة الأطفال وإحساسهم بالأمان.
الخروج الدوري للهواء الطلق
الخروج لاستنشاق الهواء النقي يعزز قوة جهاز المناعة ويساعد في الحفاظ على التوازن. لكن ذلك يجب أن يتم مع الحفاظ على مسافة وقائية مع الآخرين (مترين على الأقل)، مع تجنب الاتصال أو الاحتكاك الجسدي مع الغير أولمس الأسطح المختلفة. ينصح القيام بالنزهة في الغابة أو على الأقل في الأماكن التي يوجد فيها أقل عدد من الناس. في الطريق إلى هناك، وبعد عودة الأسرة إلى البيت، يجب غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل من 20 إلى 30 ثانية ثم تجفيفهما جيدا.
مخاطر تنامي العنف الأسري
يحذر الخبراء من مخاطر تنامي معدلات العنف داخل الأسرة. تجربة الحجر وبقاء كل أفراد الأسرة لفترة طويلة مُقيدين داخل مساحة محدودة في البيت، تحمل معها بعض المخاطر في حال سوء التنظيم والتدبير. الخبراء يحذرون مثلا من إمكانية تنامي معدلات العنف داخل الأسرة، إذا لم يتم تحديد إطار يسمح بحل المشاكل الناتجة عن الحجر بهدوء وعقلانية واحترام متبادل.
الهشاشة الاجتماعية من عوامل فشل التعليم المنزلي
يخشى الأطباء والعاملين في قطاع التعليم في ألمانيا من تداعيات الحجر الصحي على الأطفال الذين يعانون من الحرمان الاجتماعي. وقد حذرت رابطة المعلمين في ألمانيا، من أن تجربة التدريس المنزلي قد تفاقم الهوة الاجتماعية والمعرفية بين الأطفال. وقال رئيس الرابطة هاينز بيتر ميدينغر لصحيفة “سونتاغسبلات” الألمانية (24 مارس / آذار 2020) “الفجوة ستتسع بين التلاميذ الذين يحظون بدعم أسرهم والآخرين الذين لا يتمتعون به”.