إن الحديث عن استراتيجيات التدريس الحديثة لا يعني تَناوُلَها في مقابل استراتيجيات تدريس قديمة أو تقليدية أو كلاسيكية، على اعتبار أن العديد من استراتيجيات التدريس الحديثة ما هي إلا اقتباس أو تطوير لاستراتيجيات قائمة وسابقة، وعلى اعتبار -أيضا- أن استراتيجيات تدريس قديمة أو تقليدية ليس معناهُ أنها استراتيجية لم تعد صالحة للاستعمال، وإنما هو –أي هذا الحديث- إشارة ومحاولة لِنَضَعَ بين أيدي المدرسين اختياراتٍ أكثر، تجعلهم يأخذون منها ويُجربون ما يَرَوْنهُ مناسبا لطلابهم ولخصوصيات فصولهم الدراسية.
جدير بالذكر أيضا أنه مهما اختلفت الاستراتيجيات وتنوعت، توجد نقاط مشتركة بينها، ينبغي مُراعاتها وأخذها بعين الاعتبار وأهمها:
– التخطيط المحكم للحصة الدراسية.
– تحفيز المتعلمين وتشجيعهم.
– الاهتمام بالفروق الفردية، وفتح باب المشاركة أمام جميع الطلاب.
أصلها اللغوي هو الكلمة اليونانية استراتيجيوس، ومعناها فن القيادة و اختيار الأهداف. تم استعمال هذا المصطلح لأول مرة في الميدان العسكري، وتعني استخدام الإمكانيات والمواد والوسائل المتوفرة على أتم وجه لتحقيق الأهداف المنشودة، (إطارٌ مُوجِّه لأساليب العمل). ثم انتقل استخدام هذا المصطلح ليشمل مجالات عدة منها مجال التدريس والتعليم.
هي سياق من أساليب وطرق التدريس وتقنيات تنشيط الفصل الدراسي المتغيرة حسب معايير عدة، لعل أهمها هو الموقف التدريسي.
إنها أسلوب المعلم في تدريسه للمواد وفي طريقه لتحقيق الأهداف التعليمية المرجوة، إنها كذلك الوسائل والأدوات والإجراءات التي يستخدمها لمساعدته في مَهمته، إنها أيضا الجو العام داخل الفصل الدراسي المساعد على الوصول -بشكل منظم ومتسلسل- إلى مُخرجات تعليمية مقبولة في ضوء الإمكانات المتاحة.
إنها كل ما سبق، لكنها باختصار التخطيط المُسبق والخطة التي يتبعها المعلم لتحقيق هدف تعليمي.
رغم كونها مفاهيم مرتبطة ومتداخلة ومتقاربة إلا أنه يمكن تلخيص الفرق بينها في كون استراتيجية التدريس أشمل من الطريقة، والطريقة أوسع من الأسلوب.
فعلى ضوء استراتيجية التدريس يختار المعلم الطريقة المناسبة، والتي بدورها تُحدد أسلوب التدريس الأمثل الذي يتبعه المتعلم.
الاستراتيجية إذن هي خطة عامة للتدريس، بينما طريقة التدريس أقرب إلى كونها وسيلة اتصال من أجل الوصول إلى أهداف معينة ومسطرة مسبقا، بينما الأسلوب هو الكيفية التي يتناول بها المعلم طريقة التدريس.
ملحوظة: يمكن أن تقوم استراتيجية التدريس على طريقة واحدة أو على عدة طرق، وذلك حسب الأهداف المسطرة، في حين أننا نختار الطريقة لتحقيق هدف متكامل واحد خلال موقف تعليمي معين.
1- استراتيجية العصف الذهني
و تسمى أيضا الزوبعة الذهنية Brainstorming، و يقصد بها وضع الذهن في حالة من الإثارة بُغية التفكير في كل الاتجاهات والاحتمالات للوصول-في جو من الحرية- إلى أكبر عدد ممكن من الأفكار والآراء حول مشكلة أو موضوع معين. تليه مرحلة جمع المقترحات ومناقشتها.
ومن أبرز أهداف التدريس باعتماد هذه الطريقة نجد:
– جعل المتعلم نشطا وفاعلا في المواقف التعليمية.
– تعويد الطلاب على احترام الآراء المختلفة وتقدير الآخرين.
– الاستفادة من أفكار الآخرين ومعلوماتهم.
2- استراتيجية التعلم بالنمذجة
و تسمى أيضا التعلم الاجتماعي، وهي اكتساب الفرد و تعلمه استجابات وأنماط سلوكية جديدة في إطار أو موقف اجتماعي، عبر الملاحظة والانتباه (كتعلم الطفل للغة عن طريق الاستماع والتقليد).
و هي على العموم، طريقة توضيحية للتعليم تقوم على توظيف التجارب و الوسائل والنماذج… ومثال ذلك: تعلم الكتابة والخط وتعلم الوضوء و بعض التطبيقات العِلمية العَملية كالتشريح والكهرباء…
ملحوظة: تجدون مقالا شاملا عن هذا المفهوم من هنا.
3- استراتيجية العمل الجماعي
و تسمى أيضا التعلم التعاوني، و تتجلى في تقسيم المتعلمين إلى مجموعات مصغرة تتكون غالبا من 3 إلى 4 أعضاء، تُعطى لهم واجبات محددة (أهداف مشتركة) وعليهم الاعتماد على التعاون (التبادل المعرفي و المهاري) من أجل إنجاز المَهمة المطلوبة منهم.
و من أهم أهدافها:
– اعتماد التعلم النشط.
– تبادل الأفكار (الطريقة الحوارية) والحث على تقبّل أفكار الآخرين.
– تنمية روح المسؤولية والتعاون لدى المتعلمين.
– بناءِ علاقات إيجابية بين المتعلمين (احترام الآخر).
– تشجيع التعلم الذاتي.
– التدرب على حل المشكلات واتخاذ القرار.
4- استراتيجية المناقشة
هو أسلوب قديم يُنسب للفيلسوف سقراط، الذي كان يعتمده لتوجيه تلاميذه وتشجيعهم. و يمكن اعتباره بمثابة تطور للطريقة الإلقائية عبر استعمال المناقشة على شكل تساؤلات تثير دافعية المتعلمين.
تعتمد هذه الاستراتيجية على دفع الطلاب إلى التفكير والمناقشة و إبداء الرأي وطرح الأسئلة وتقديم الأجوبة، وإشراكهم في إعداد الدرس، مع الاهتمام بالبحث وجمع المعلومات وتحليلها باتباع خطوات رئيسية هي:
– الإعداد.
– المناقشة.
– التقويم.
5- استراتيجية الكرسي الساخن
و تُشبه ما بات يُعرف ب ″كرسي الاعتراف″. هي استراتيجية تقوم على طرح الأسئلة على طالب معين، بهدف تنمية مهارات عدة من أهمها بناء الأسئلة وتبادل الأفكار والقراءة.
و من أهم خطوات استراتيجية الكرسي الساخن Hot Seat Strategy:
– وضع المقاعد أو الطاولات بشكل دائري، ووضع ″الكرسي الساخن″ في مركز حُجرة الدرس.
– مرحلة طرح الأسئلة المتعلقة بموضوع الدرس بعد تحديده من قبل المعلم (الذي يلعب دور المنشط)، أسئلة يُفضل أن تكون مفتوحة متعددة الإجابات.
ملحوظة:
– يُمكن استخدام استراتيجية الكرسي الساخن في نظام المجموعات، بتقسيم جماعة الفصل إلى مجموعات صغيرة.
– تُعتمَد هذه الاستراتيجية لمناقشة قضية عامة أو إشكال ما، بدفع الطلاب إلى التفكير في موضوع معين من جوانبه المختلفة، ثم مناقشة وجهات النظر المختلفة.
6- استراتيجية الرؤوس المرقمة
و هي شكل من أشكال العمل الجماعي التعاوني، و تتجلى في:
– تقسيم الطلاب إلى مجموعات من 4 أعضاء. يحمل كل عضو رقما من 1 إلى 4.
– طرح السؤال أو توضيح المَهمة المطلوب إنجازها.
– تعاون أعضاء كل مجموعة على إيجاد الحلول.
– يختار المعلم رقما عشوائيا من كل مجموعة، بحيث ينوب المتعلم صاحب الرقم عن أفراد. مجموعته في الإجابة وتقديم الحلول.
و من أهداف هذه الاستراتيجية نذكر:
– دمج الطلاب المتعثرين دراسيا ودفعهم للانخراط والمشاركة.
– تعويد الطلاب على التعاون و العمل في فريق.
– تنمية روح المنافسة الشريفة.
7- استراتيجية أعواد المثلجات
تقوم هذه الاستراتيجية على التشويق و تحفيز المتعلمين والإبقاء على تركيزهم وانتباههم في أعلى المستويات، وهي مناسبة للمستويات العمرية الصغيرة. تتيح لجميع الطلاب المشاركة الفعالة في سيرورة الدروس، و هي مناسبة للأسئلة المفتوحة.
و تتلخص خطوات هذه الاستراتيجية في:
– كتابة أسماء الطلاب على أعواد المثلجات.
– وضع الأعواد في علبة تكون مرئية من طرف الجميع.
– أثناء سير الدرس يقوم المعلم بالسحب العشوائي لعود مثلجات من العلبة، والمتعلم المعني بالأمر يكون لزاما عليه إنجاز المهمة المطلوبة منه أو الجواب على السؤال المطروح…
8- استراتيجية التدريس التبادلي Reciprocal Teaching strategy
هي نشاط تعليمي يهتم على الخصوص بدراسة النصوص القرائية (قراءةً وفهما وتحليلا…)، بالاعتماد على الحوار المتبادل بين الطلاب والمدرس أو بين الطلاب مع بعضهم البعض.
كما تعتمد هذه الاستراتيجية التدريس على:
– الاهتمام بالتفكير وبالعمليات العقلية.
– ربط معلومات الطلاب الجديدة بمكتسباتهم القبلية.
– الملاحظة والتخطيط والتقويم.
بينما تتم أجرأة استراتيجية التدريس التبادلي كالتالي:
– التلخيص.
– توليد الأسئلة.
– التوضيح.
و هو ما يمكن تفصيله في الخطوات التالية:
-تقسيم الطلاب مجموعات.
– توزيع الأدوار حسب المهمة المطلوبة من كل متعلم (التلخيص، توليد الأسئلة، التوضيح)
– تعيين قائد لكل مجموعة.
– توزيع نص أو قطعة قرائية على المجموعات.
– الانخراط في الحوار التبادلي داخل المجموعات وقيام كل فرد بأداء مهمته.
– إعطاء المتعلمين الوقت الكافي للقراءة الصامتة ثم تدوين الأفكار المساعدة في بناء الملخص.
– يتابع المدرس عمل كل مجموعة بشكل لحظي ومستمر، ويقدم الدعم والمساعدة عند الضرورة.
– عرض النتائج.
9- استراتيجية الحقيبة التعليمية
و تسمى أيضا الرُّزَم التعليمية. وهي وحدة تعليمية (بناء متكامل مُحكم التنظيم) تُوَجِّهُ نشاط المتعلم باعتماد التعلم الذاتي وإتاحة فرص التعلم الفردي، وتتضمن مواد تعليمية ومعرفية منوعة تراعي الفروق الفردية، معززة باختبارات قبلية وبعدية، و بنشاطات ووسائل تعليمية متنوعة مُساعِدة على تنزيل المناهج الدراسية.
و عموما تتميز استراتيجية الحقيبة التعليمية بـ:
– وجود دليل به معلومات كافية عن الحقيبة التعليمية ومكوناتها وأهدافها.
– مراعاة الفروق الفردية.
– تَوفُّر مواد تعليمية متعددة.
– الاهتمام بالتغذية الراجعة والتعزيز.
– تعزيز ثقة المتعلمين بأنفسهم (بعيدا عن الخوف من الفشل أو الشعور بالنقص) .
– تَنوُّع أساليب التقويم وأوقاته.
– تبني أسلوب التعلم الفردي الذاتي.
– استهداف مستوى الإتقان في التعلم.
أما عن عناصر ومكونات الحقيبة التعليمية فهي تختلف حسب الموقف التعليمي، إلاّ أنها لا تخرج غالبا عن 3 أركان رئيسية هي: الدليل والأنشطة التدريسية والتقويم.
– الدليل:
وهو كُتيِّب صغير يتضمن معلومات شاملة عن موضوع الحقيبة التعليمية (العنوان والفكرة الأساسية…) ومُكوناتها (من أجهزة ووسائل و فيديوهات ومطبوعات…) وعن الفئة المستهدفة إضافة إلى لائحة التعليمات (الموجهة للمتعلم والمعلم) الأهداف السلوكية (وصف النتائج المتوقعة) والفهرس.
– الأنشطة التدريسية:
لتحقيق الأهداف المحددة.
– التقويم وأنواعه:
– الاختبار القبلي (المبدئي، التشخيصي).
– الاختبار البِنائي (التكويني، المرحلي).
– الاختبار النهائي (البَعْدي، الإجمالي).
10- استراتيجية المشروعات
و تسمى أيضا بيداغوجيا المشروع أو المشروع البيداغوجي أو الورشة التعليمية، و قد سبق للزميل نجيب زوحى من فريق تعليم جديد أن تناولها بتفصيل من هنا.
و هذه هي الخطوات الرئيسية لتطبيق هذه الاستراتيجية :
ـ اختيار المشروع: و هي خطوة رئيسية للوصول إلى الأهداف المنتظرة من النشاط.
ـ التخطيط: يضع المتعلمون الخطة المناسبة للعمل، ويقوم المعلم بإرشادهم ومساعدتهم للوصول إلى الأهداف المتوخاة.
– التنفيذ: والانتقال من مرحلة التخطيط والمقترحات إلى العمل.
ـ التقويم: للوقوف على مدى تنفيذ المشروع.
11- استراتيجية حوض السمك
من استراتيجيات التدريس الحديثة المعتمدة على التعلم النشط والعمل الجماعي.
وتفاصيل هذه الاستراتيجية كالتالي:
– يتم وضع 4 أو 5 كراسي في دائرة على شكل حوض سمك.
– تُوضع باقي الكراسي خارج حوض السمك، وبشكل دائري أيضا.
– يجلس عدد من الطلاب على كراسي حوض السمك لمناقشة موضوع ما أو إنجاز مهمة أو حل مشكل في مدة تقارب 10 دقائق، بينما يجلس الباقون (وهم الملاحظون) خارج الحوض يستمعون بتركيز و يسجلون الملاحظات.
– ثم تأتي مرحلة المناقشة الجماعية وتقويم الأعمال بتوجيه من المعلم.
و من الشروط الضرورية لنجاح هذه الاستراتيجية نذكر:
– الإعداد القبلي للأنشطة من طرف المتعلمين.
– يُفضل تصنيفُ المجموعات بشكل عشوائي.
– الحرص على التواصل المستمر بين المتعلمين.
– توفير أجواء العمل الجماعي والاستعداد النفسي للمتعلمين.
ملحوظة: يمكن للمعلم تغيير أدوار الطلاب إن كان وقت الحصة الدراسية يسمح بذلك.
12- استراتيجية حل المشكلات أو التعلم القائم على المشكلات
و تسمى الأسلوب العلمي في التفكير، وتتم عبر إشعار المتعلمين بالقلق وإثارة تفكيرهم إزاء مشكلة ما (تكون مناسبة لمستواهم، وذات صلة بموضوع الدرس، و بمعيشهم) لا يستطيعون حلها بسهولة، بل بالبحث واستكشاف الحقائق المؤدية إلى الحل.
أما الخطوط العريضة لهذه الاستراتيجية فيمكن إيجازها في:
– تحديد المشكلة وصياغتها.
– التحليل بجمع البيانات وتحليل الأسباب والعوامل.
– اقتراح الحلول.
– التنفيذ.
ملحوظة: لمعلومات أكثر نذكركم أننا في المدونة سبق لنا في مناسبتين التطرق لهذا الموضوع.
– التعلم القائم على المشكلات.
– طرائق التدريس الحديثة: طريقة حل المشكلات و طريقة المناقشة والحوار.
13- استراتيجية التعلم بالاكتشاف
تدعو هذه الاستراتيجية إلى استخدام التفكير المنطقي (الاستقرائي أو الاستنباطي) و تُشجع التفكير النقدي العقلي البعيد عن الخرافات والمُسلَّمات، مُخاطبة المستويات العقلية العليا كالتحليل والتركيب. وتسعى هذه الاستراتيجية إلى جعل المتعلم في قلب العملية التعليمية و زيادة دافعيته.
و من أهم أهدافها:
– جعل الدروس أكثر متعة وجاذبية.
– تنمية مهارات تحليل المعلومات وتركيبها وتقويمها.
– التعود على العمل الجماعي ومشاركة المعلومات.
– الاستئناس بخطوات البحث والمنهج التجريبي.
للإشارة هذا المفهوم هو الآخر سبق لنا في المدونة أن تناولناه بتفصيل من هنا.
14- استراتيجية التدريس الاستقرائي
يمكن تلخيص هذه الاستراتيجية في عبارة ″الانتقال من الجزء إلى الكل″ عبر تتبع الجزئيات والتفاصيل والأمثلة وعرضها ثم مناقشتها وفحصها وتحليلها، للوقوف على أوجه الشبه والاختلاف ثم الوصول إلى استنتاجات عامة و أحكام كلية، ومنه التعميم ووضع القانون أو التعريف أو تحديد قاعدة معينة.
و من مزايا استراتيجية التدريس الاستقرائي:
– الاستقراء من طرق التعليم النشط.
– الاستقراء مناسب للمراحل العُمرية الصغيرة.
– الانطلاق من البسيط إلى المركب ومن الخاص إلى التعميم، يجعل هذه الطريقة في متناول معظم المتعلمين ومناسبة لقدراتهم المعرفية.
– تعويد المتعلمين على الاعتماد على النفس، واكتشاف الحلول.
15- استراتيجية الخرائط المفاهيمية
هي استراتيجية تدريسية تُوظف الأشكال والخطوط و الصور والأسهم والألوان واللغة (كلمات الربط) لتمثيل المعرفة وتقديم المعلومات. و يمكن استثمارها في تعميق الفهم وتلخيص المعلومات واستنتاج العلاقات بين المفاهيم.
و من أهدافها :
– تبسيط المعلومات وتنظيمها.
– تسهيل عملية استرجاع المعلومات.
– ربط المفاهيم الجديدة بالمكتسبات السابقة .
– إيجاد العلاقة بين المفاهيم.
– تسهيل تذكر المعارف والمعلومات.
ملحوظة: تستخدم هذه الاستراتيجية كذلك في الميدان العسكري وفي تحقيقات الأمن والشرطة.
16- استراتيجية التعلم بالتعاقد
و تسمى أيضا بيداغوجيا التعاقد، و قد سبق للزميل الحسين اوباري من فريق تعليم جديد أن تناولها بتفصيل من هنا.
و هي عموما من الاتجاهات الحديثة في التعليم التي يتم فيها تقاسم مسؤولية التعليم والتعلم بين المعلم والمتعلمين عبر الاتفاق الصريح والواضح والمكتوب على الالتزام بأداء مهام أو تنفيذ مشاريع معينة.
و تبقى من أهم أهداف هذه الاستراتيجية نبذ كل مظاهر العنف المدرسي بالوصول إلى مقاربة تشاركية تعاونية بين المدرس والمتعلم، الذي عليه أن يتعود على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات.
و من أسس هذه الاستراتيجية:
– تحديد أدوار كل طرف.
– التزام كل طرف بدوره.
– المرونة.
– تنويع طرق وأساليب العمل.
17- استراتيجية مثلث الاستماع
و هي شكل آخر من أشكال العمل في مجموعات أو العمل التعاوني، وتتم عبر تقسيم الطلاب إلى مجموعات من 3 أعضاء، لكل طالب دور محدد:
– الطالب الأول: و هو المتحدث، تتمثل مهمته في شرح الدرس أو السؤال أو المفهوم أو الفكرة أو المهمة المطلوبة…
– الطالب الثاني: وهو المستمع الجيد، و دوره هو توضيح الفكرة/المَهَمَّة عبر طرح أسئلة على الطالب الأول/المتحدث.
– الطالب الثالث: و هو المراقب الملاحظ، ودوره هو تقديم تغذية راجعة لزميليْه في المجموعة، مستفيدا من الملاحظات التي يكون قد دونها أثناء المناقشة بين أعضاء الفريق.
18- استراتيجية التعليم الإلكتروني
يمكن تعريفها على أنها : ”منظومة تعليمية تعتمد تقنية المعلومات والاتصالات التفاعلية مثل (الإنترنت و القنوات التلفزيونية والبريد الإلكتروني وأجهزة الحاسوب والمؤتمرات عن بعد…) في تقديم البرامج التعليمية أو التدريبية للطلاب أو المتدربين في أي وقت و في أي مكان، باستخدام بطريقة متزامنة synchronous أو غير متزامنة“.
هو إذن أكثر من مُجرد مُتعلِّم يشتغل على حاسوب أو جهاز لوحي أو هاتف ذكي، وللإحاطة أكثر والتوسع في هذا المفهوم نقترح عليكم هذا الموضوع لكاتبه رشيد التلواتي من فريق تعليم جديد الذي تطرق فيه لهذا المفهوم بشكل أكثر تفصيلا.
19- استراتيجية القصة
رغم أن البعض يعتبرها من الطرق التقليدية القديمة إلا أن توظيف المستجدات التكنولوجية الحالية (الفيديو في التعليم، الصور، الرسوم المتحركة، العروض التعليمية، الفصل المقلوب…) يمكن أن يجعلها استراتيجية مفيدة جدا في تقديم المعلومات ونقل العِبر للأطفال بشكل سلسٍ وشيِّقٍ…
ومن شروط استخدام استراتيجية القصة في التدريس التي ينبغي على المعلم مراعاتها:
– وجود ارتباط بين القصة وموضوع الحصة الدراسية.
– أن تحقق أهدافا واضحة ومحددة.
– اختيار قصص مناسبة لنمو المتعلمين.
– توظيف الوسائل المساعدة.
– الإيجاز والاختصار.
– اعتماد أسلوب شيق يجلب الاهتمام.
– وحدة الموضوع واحترام التسلسل المنطقي للأحداث.
20- استراتيجية تقييم الأقران
الهدف من هذه الاستراتيجية هو تدريب الطلاب على التقييم والنقد واتخاذ القرار. وكذا تَعَرُّفُهم على الطريقة التي تتم بها عملية التصحيح وتقييم الأعمال، لأخذها بعين الاعتبار في أعمالهم وإنجازاتهم القادمة.
و تُنفّذُ هذه الاستراتيجية على مرحلتين:
– أولا
– توزيع أوراق الاختبار أو العمل على المتعلمين.
– يقوم كل طالب بحل المسائل والمهام المطلوبة منه، دون كتابة اسمه على الورقة، بل يكتفي بتدوين رقم تسلسلي يُحدده له المعلم.
– جمع الأوراق بعد نهاية الاختبار وإعادة توزيعها عشوائيا على المتعلمين، ليصحح كل متعلم ورقة غير ورقته.
– الشروع في عملية التصحيح دون الاعتماد على عناصر الإجابة الرسمية.
– يُبدي المتعلمون ملاحظاتهم بخصوص الأوراق التي صحّحوها.
ثانيا
– يعرض المعلم عناصر الإجابة أو ورقة إجابة نموذجية.
– يعيد المتعلمون التصحيح ووضع الدرجة النهائية.
– تجميع الأوراق ومطابقة كل رقم مع صاحبه.
– مناقشة جماعية.
ملحوظة: بعد تدريب المتعلمين على هذه الاستراتيجية وتجريبها لمرات متعددة، يمكن للمعلم أن يقتصر على المرحلة الثانية فقط من هذه الاستراتيجية.
21- استراتيجية مسرح العرائس
هي استراتيجية مناسبة للأطفال الصغار والمستويات الدراسية الدنيا كأطفال الروضة، و تتلخص في استخدام الدُّمى في تمثيليات ومسرحيات بسيطة وهادفة وذات علاقة بالمواد الدراسية يؤديها المتعلمون من الكواليس بتوجيه من المدرس، ممزوجة بالتسلية والترويح عن النفس.
و من إيجابيات هذه الاستراتيجية:
– اكتساب مهارات التواصل والمشاركة.
– توصيل القيم الكونية والمبادئ الإنسانية بصورة سلسلة للمتعلمين.
– إثارة انتباه المتعلمين و رفع مستوى التركيز لديهم.
– تنمية الخيال لدى المتعلمين.
– تحفيز الإبداع.
– التمثيل والمسرح عاملان مُساعدان على تثبيت معلومات ومكتسبات الطلاب.
و تتم أجرأة هذه الطريقة كالتالي:
– تحديد الهدف أو الأهداف من المسرحية.
– تحديد الوسائل والأدوات المستعملة.
– توزيع الأدوار.
– تحديد مكان العرض وتجهيزه.
– تدريب الطلاب على العرض.
– الربط بين الحركة والصوت.
22- استراتيجية فَكِّرْ، ناقِشْ، شَارِكْ
و تسمى كذلك استراتيجية فكر – زاوج – شارك.
استراتيجية يمكن تلخيصها في:
– فَكِّرْ و اكتب.
– ناقِشْ مع زميلك.
– شَارِكْ مجموعتك ثم فصلك.
في هذه الاستراتيجية يقوم المدرس بتوجيه سؤال أو تحديد مَهمة، ثم:
– يفكر كل طالب بشكل فردي لمدة دقيقة أو أكثر (حسب المهمة المطلوبة وحسب تقدير المعلم).
– يتفق كل متعلم مع زميله على إجابة واحدة مشتركة.
– تكوين مجموعات من 4 أفراد لمناقشة الأعمال والأفكار.
– شارك فصلك: تُعين كل مجموعة متحدثا عنها بمعدل دقيقتين لكل مجموعة، بهدف الوصول إلى نتيجة أو جواب نهائي تحت قيادة وإشراف المعلم.
23- استراتيجية التدريب الميداني العَملي
مُناسَبَة لتطبيق وتقويم المعلومات التي تمت دراستها. تُلائِم أكثر الطلاب كبار السن والمرحلة الجامعية، و تدعم الأساليب النظرية التي قد لا تكون كافية.
تعتمد هذه الاستراتيجية على جعل المتعلم يكتسب الخبرات بنفسه معتمدا على نفسه في اكتساب المهارات التي تساعده مستقبلا على ولوج سوق الشغل بسلاسة.
24- استراتيجية التفكير الناقد
هي قدرة تتطور بشكل مستمر وتلقائي لدى المتعلمين نتيجة وضعهم أمام وضعيات ومهام وإشكالات عليهم حلها والتعامل معها باستخدام مبدأ الشك واختبار الآراء على ضوء معرفتهم السابقة بُغية الوصول إلى استنتاجات ومعارف بعيدا عن الأحكام المسبقة.
تعتمد هذه الاستراتيجية بالدرجة الأولى على استخدام مهارات التفكير، بينما تتجلى أهميتها في:
– اكتساب مهارات التفكير المنطقي والإقناع والحِجاج.
– المعرفة وتنوع مصادرها يجعلان التفكير الناقد من ضرورات العصر.
25- استراتيجية التعلم باللعب
لعل أهم ما يميز التعلم باللعب عن اللعب هو كون هذا الأخير نشاطا حُرًّا تلقائيا غير موجه، عكس التعلم باللعب الذي يمكن تعريفه على نشاط موجه لتنمية قدرات المتعلمين الجسمية والوجدانية وكذا العقلية، عبر توظيف الأنشطة والمتعة والتسلية كأدوات تربوية في اكتساب المعرفة و تقريب المفاهيم وتحفيز التواصل.
ومن أنواع الألعاب التربوية نجد :
– الألعاب الحركية.
-المجسمات الدمى.
– ألعاب الذكاء.
– لعب الأدوار…
و هذا موضوع سبق لنا أن تطرقنا فيه لهذا المفهوم بشكل مفصل.
26- استراتيجية التعلم الذاتي
من أهم أهداف هذه الاستراتيجية تعلمُّ التعلمِ، أي أن يكتسب المتعلم المهارات الضرورية التي تُمكنه من التعلم باستمرار لمواجهة المهام الدراسية والتعامل مع مصادر العلم والمعرفة في مرحلة أولى، ولمواجهة الحياة في مرحلة قادمة.
و هكذا يمكن تعريف التعلم الذاتي بأنه نشاط تعلمي يقوم به المتعلم -بشكل ذاتي- لاكتساب مهارات ومعارف ومفاهيم وقيم بُغية تنمية إمكاناته و استعداداته، و يكون فيه المتعلم هو محور العمليّة التعليميّة.
بينما يتجلى دور المعلم في:
– تشجيع التفكير الناقد.
– توفير المصادر المعرفية والبيئة المساعدة على التعلم الذاتي.
– دفع المتعلمين إلى اعتماد الأسئلة المفتوحة .
– حثهم على ربط التعلم بالمواقف الحياتية.
– جعل المتعلم واثقا من نفسه، وتشجيعه أثناء ارتكاب الأخطاء في طريقه نحو التعلم.
– تنمية مهارات القراءة والتحليل لدى المتعلمين.
27- استراتيجية كيلر أو التعلم للإتقان
تصنف استراتيجية كيلر على أنها واحدة من استراتيجيات التعلم الذاتي. استراتيجية يمكن تلخيصها في كونها تسعى لإيجاد تطبيقات جديدة في أساليب التدريس عبر التوفيق بين نظرية التعزيز ل ″سكنر″ (علم النفس السلوكي) و نظرية التعلم للإتقان Mastery Learning Theory.
و لهذه الاستراتيجية إيجابيات عدة، لعل أهمها:
– وضوح المهام، نظرا لصياغتها على شكل وحدات صغيرة.
– أن المتعلم هو من يحدد سرعته ووتيرة عمله.
– لا مشكلة في ارتكاب المتعلم للأخطاء.
أما المعالم الأساسية لاستراتيجية كيلر وتجلياتها فهي:
– العمل حسب السرعة الذاتية: كل متعلم يتعلم حسب وتيرته الشخصية.
– المناقشات والمحاضرات: التي تظل دائما مصدرا مهما للمعلومات.
– الاختبارات المرجعية: وهي اختبارات تكوينية ينبغي إجراؤها عند نهاية كل وحدة دراسية.
– الإرشاد و التوجيه: المطلوب من المعلم توفير المساعدة المستمرة للمتعلم، والأخذ بيده لتذليل الصعوبات التي قد تواجهه أثناء التعلم.
28- استراتيجية لعب الأدوار
وتُسمى أيضا المحاكاة، وهي استراتيجية تقوم على تمثيلِ أدوارٍ (واقعية أو تاريخية أو خيالية…) وتقمُّصها في مواقف (تعليمية) مصطنعة، بحيث يكون لكل متعلم دور محدد يؤديه ويعبر عنه في بيئة تميل أكثر إلى المرح واللعب.
تسمح هذه الاستراتيجية للمتعلمين بتطوير قدراتهم على التعبير والتفاعل مع الآخرين.
و من مميزات هذه الاستراتيجية نذكر:
– تنمية التفكير والإبداع.
– توفير فرص للتعبير عن الذات.
– إضفاء شيء من الحيوية والمرح على الموقف التعليمي.
– إبقاء المتعلمين مُركزين ومنشغلين بموضوع الحصة.
– اكتساب القيم والاتجاهات.
– التواصل الإيجابي بين المتعلمين (التعاون وروح الفريق).
29- استراتيجية التعلم بالتخيل
التخيلُ بدايةُ الابتكارِ والإبداعِ. هي استراتيجية قريبة لِلَعب الأدوار و يُقصد بها التخيل الإبداعي. والمطلوب من المتعلم في هذه الطريقة هو أن يتخيل نفسه في وظيفة أو مهمة أو وضعية… (حسب ما هو محدد في التعليمات) ثم يُعطى له وقت للعمل والتفكير والإبداع.
هذه الاستراتيجية مفيدة أكثر في حصص التعبير الشفوي أو الكتابي. ومن شروط نجاحها:
– المرافقة والتوجيهات.
– توفير الوقت الكافي للمتعلم (الوقت اللازم لعملية التخيل).
– الاستعانة بمؤثرات صوتية مناسبة.
– الهدوء وإقصاء العوامل المُشوِّشة.
– حرصُ الطالبِ على الانشغال بموضوع التخيل فقط.
أما خطوات تنفيذ هذه الاستراتيجية فهي:
– إعداد سيناريو التخيل: التخطيط والتحضير القبلي.
– أنشطة تخيلية تحضيرية: مقاطع قصيرة لموقف تخيلي معين.
– التنفيذ: قراءة النص القرائي أو النشاط أو التعليمات.
– طرح الأسئلة والمناقشة.
30- استراتيجية K.W.L
استراتيجية تعتمد على 3 محاور أساسية و هي:
– What I already Know ماذا أعرف مُسبقا (المكتسبات والخبرات السابقة) و هي خُطوة غاية في الأهمية لفهم الموضوع الجديد وإنجاز المهمات، فالمتعلم مدعو لمعرفة إمكاناته حتى يتمكن من استثمارها على أحسن وجه.
– What I want to Learn ماذا أريد أن أتعلم؟ و هي مرحلة تحديد المهمة المتوقع إنجازها أو المشكلة التي ينبغي حلها…
– What I Learned ماذا تعلمت بالفعل؟ و هي مرحلة تقويم ما سبق التطرق إليه من معارف ومهام وأنشطة، ومعرفة مدى تحقق الأهداف المسطرة. وهي مرحلة ايضا لاكتساب المفاهيم الصحيحة وتصحيح التمثلات الخاطئة…
و هذا موضوع على المدونة سبق لنا فيه أن تطرقنا لهذه الاستراتيجية بتفصيل أكثر.
مهما تنوعت استراتيجيات التدريس الحديثة واختلفت، فإن نوعية وطبيعة الحصة التعليمية والهدف منها ومحتواها ومستوى المتعلمين وخصوصية كل بيئة فصلية دراسية تبقى المُحَدِّد لأي استراتيجية نستخدم. و هو أمر –بطبيعة الحال- مَنُوطٌ بالمُدرس ما دام هو الأكثر دِرايةً بمتطلبات فصله الدراسي.
المصادر