فعلي بعد 38 كيلومترا من مدينة الفقيه بن صالح، تنتصب هذه الوحدة المدرسية التابعة لمجموعة مدارس أولاد أحمد، كمنارة للإشعاع التربوي داخل محيطها السوسيو-ثقافي المتسم بندرة المياه وغلبة هواجس وأحلام الهجرة إلى الديار الأوروبية، مؤكدة قدرة المدرسة المغربية على إشعال جذوة الأمل في قطاع التربية والتكوين من خلال تفعيل أدوار المدرسة، وتنويع أنشطة النوادي التربوية وكل ما من شأنه تحبيب الفضاء المدرسي للمتعلمات والمتعلمين.
ويقف الزائر لهذه الفرعية المدرسية الواقعة وسط قرية نائية على أبعد نقطة تحد بين إقليمي الفقيه بن صالح وسطات، منبهرا من شدة الإعجاب باللوحات والمجسمات الفنية والمساحات الخضراء التي أبدع تلاميذ وأطر المؤسسة في رسمها وتنسيق ألوانها وأشكالها في طراز بديع يلخص قدرة المدرسة على رسم ملامح الجمال وعلى الإبداع، في تحدي واضح لإكراهات الواقع وثقافة المحيط.
وتمتد هذه المؤسسة، التي لا يتعدى عدد تلاميذها 171 تلميذا يشرف على تعليمهم 7 مدرسين، على مساحة 4600 متر مربع، حيث تضم أربع حجرات دراسية إلى جانب قسم للتعليم الأولي تم إحداثه مؤخرا، ومرافق صحية.
وقد اهتم أعضاء النادي البيئي من الأطر التربوية والتلاميذ بتزيين فصولها الدراسية وساحاتها وممراتها بمختلف صور الجمال والطبيعة الفاتنة وعيون وسواقي الماء، في تجربة تعتبر فريدة من نوعها بالمنطقة.
ومن أجل تشجيع هذه المبادرة، قام المدير الإقليمي لقطاع التربية الوطنية بالفقيه بن صالح السيد حمادي أطويف، أمس الثلاثاء، بزيارة تفقدية لهذه الوحدة المدرسية، حيث نوه بمجهودات الأطر التربوية والتلاميذ من أجل إلحاق المؤسسة بنادي المدارس الإيكولوجية.
وأكد المدير الإقليمي لقطاع التربية الوطنية بالفقيه بن صالح، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الوحدة المدرسية المذكورة نموذج جيد للمؤسسات الإيكولوجية بالإقليم، مضيفا أنها تجسد مثالا يحتذى لقوة إرادة المدرسين والتلاميذ حيال جعل المؤسسة فضاء رائعا يعتز به على مستوى المديرية الإقليمية للتربية الوطنية، وذلك بالنظر لما تم تحقيقه بها فيما يتعلق بالنهوض بجماليتها وتشجيع مجالات الإبداع والابتكار والتنشيط التربوي.
كما عبرت الأطر التربوية بالمؤسسة عن اعتزازها بهذه التجربة النموذجية كثمرة عمل تشاركي وجماعي بين مختلف المكونات التي تتنافس بشكل حميد وإيجابي من أجل جعل الفضاءات المدرسية من فصول وساحات وممرات، تحفا فنية بديعة يتم تجديدها يوما بعد يوم دون كلل أو ملل، بل بحب وتضحية ونكران للذات، وفي علاقة عطاء وإبداع انطلقت ولا زالت مستمرة منذ 18 سنة.
وأشارت إلى ارتياح ساكنة القرية لما تم إنجازه بالمؤسسة من عمل ساهم بشكل لافت في الحد من ظاهرة الانقطاع المدرسي ورفع نسبة النجاح إلى نحو 76.3 في المائة خلال السنة الدراسية الماضية 2017/2018.
وتندرج أشغال التزيين والنهوض بالمساحات الخضراء للمؤسسة في سياق الاستعدادات من أجل الانخراط في برنامج “المدارس الإيكولوجية” الطوعي، من خلال اعتماد مقاربة بيداغوجية هادفة تروم ترسيخ التربية البيئية بين التلاميذ وتغيير سلوكهم اتجاه المحيط ليساهموا بشكل فعال في جعل المدرسة ورشا دائما للنهوض بالمجال البيئي، حيث يتم منح المؤسسات التعليمية التي تتوفر فيها الشروط المعتمدة “اللواء الأخضر” ليكون حافزا ودافعا للمنافسة النبيلة بين المدارس الإيكولوجية.
ويعد البرنامج الطوعي “المدارس الإيكولوجية” أحد البرامج الهامة للتربية المعتمد في أكثر من 60 دولة، والذي أعطت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء سنة 2006 انطلاقة إنجازه على مستوى 17 مؤسسة ابتدائية تضم 8471 تلميذا وتلميذة موزعين على تسع أكاديميات للتربية والتكوين.
محمد أوحمي