تلقى التّنسيق الوطني لقطاع التعليم خبر “تجميد النظام الأساسي” أمس الإثنين بما اعتبرتها بعض مكوناته “خيبة أمل كبيرة، أعادت إلى أذهان سيناريوهات سابقة زادت من تعميق انعدام الثقة في هذا الحوار منذ انطلاقه”، بحيث أعلن التنسيق رسميّا عن مواصلة الإضرابات مجددا، كما كشف عن “إنزال” آخر مرتقب بالعاصمة الرباط، ما يبين أن جولة الحوار بين الحكومة والنقابات صارت تجد صعوبة في أن تنال ثقة تنسيقيات التعليم.
ولم يخف التنسيق الوطني أن “العودة إلى الأقسام” ستبقى رهينة الاستجابة الفوريّة لمختلف المطالب المعروفة العامة والفئوية المرفوعة للحكومة ووزارة التربية الوطنية، مؤكدا أن “إعادة الكرامة والقيمة الاعتبارية للأستاذ ضرورية في ظل الاستجابة للانتظارات”، ما يبرز أن القطاع التعليمي المغربي مازال موعودا بأشكال مختلفة من “الشلل” بحكم انعدام التّوافق منذ بداية جولة الحوار.
زهير هبولة، عضو المكتب الوطني لـ”التنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية الوطنية المقصيين من خارج السلم”، قال إن “الحل اليوم بعدما بلغه القطاع من احتقان لم يعد حاليّا رهين الحوار، بل يبقى مرتبطا بشكل أساسي برد الاعتبار للأستاذ بعد الإهانات المتواصلة التي أقدم عليها العديد من المسؤولين”، وزاد موضحا: “هناك شبه إجماع لدى القواعد التّعليمية على أن الاحتقان لن يتوقف إلا بالتّعجيل بالزّيادة في الأجور، ونحن نتمسّك بـ3000 درهم كحد أدنى للزيادة”.
وأوضح هبولة في تصريح لجريدة هسبريس: “مطلبنا كان هو الزيادة في الأجور بنسبة 100 في المائة، لكي تستطيع الشغيلة التعليمية مسايرة الارتفاع الصاروخي للأسعار”، مؤكدا أن “مطلب الأجر ليس هو الأساسي وحده، بل هناك مطالب أخرى كثيرة لا نستطيع العودة إلى الأقسام إلا بالاستجابة لها”، ومشددا على أن “المطالب لم تكن تصب في اتجاه تجميد النظام الأساسي، بل سحبه بشكل نهائي والتراجع عنه، فهذا التلاعب بالكلمات لا نستطيع قبوله في الوقت الحالي”.
وأبرز عضو “التنسيق الوطني لقطاع التعليم” الذي يضم 23 مكونا: “مخرجات الحوار لا تلزمُنا مادامت النّقابات المشاركة فيه لم تدع إلى الإضراب، لذلك لا يمكن أن نعتبر هذا الحوار ذا مصداقية إلا بمشاركة النقابة التي دعت إلى الإضراب، التي هي عضو في التنسيق الوطني، وجرت معاقبتها لكونها لم توقع على اتفاق 14 يناير”، موردا أن “الشغيلة التعليمية لن تعود إلى الأقسام دون الالتزام بالاتفاقات السابقة، لأنه في ظل عدم الالتزام بما اتفق عليه، منذ أكثر من عقد، من الصّعب أن نمنح الشرعية لهذه الحوارات الحالية”.
من جانبه، أكد إلياس الحرش، عضو “التنسيقية الوطنية للأساتذة المستبرزين”، التي هي مكون من مكونات التنسيق الوطني لقطاع التعليم، أن “هناك اتفاقا مبدئيا بين القواعد على أن التّصعيد سيتواصل إلى حين الاستجابة الكاملة لمختلف الملفات العالقة، بما فيها إضافة إطار ‘أستاذ مُستَبرز’، وخلق هيئة خريجي سلك التّبريز، وإدماج الأساتذة المُستبرزين في السلم 11 بأثر رجعي”، مردفا بأن “الزيادة في أجور الأساتذة على غرار باقي القطاعات الأخرى هي مدخل أساسي لفك الاحتقان”.
ولم ينكر الحرش، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “التراجع في الوقت الحالي أمر مستبعد، لكون الثقة صارت تطرح إشكالا حقيقيا بالنسبة للشغيلة التّعليمية التي أنهكتها الوعود”، منبها إلى أن “مفهوم التجميد خلق نوعاً من الالتباس لدى رجال ونساء التعليم؛ فإذا كان النظام الأساسي تمت المصادقة عليه من طرف المجلس الحكومي فإن تجميده يعني أن الشغيلة التعليمية لا تخضع لأي قانون في الوقت الحالي، مادام لم يصدر مرسوم حكومي أو قرار وزاري يُدرج في الجريدة الرسمية”.
وتأسف المتحدث ذاته لـ”استمرار هذا الوضع، الذي لا يتحمل مسؤوليته الأستاذ، بل الذين أمعنوا في إهانة أطر التدريس والمساس بمكانتهم الاعتبارية وبهيبة المدرسة العمومية”، خاتما: “هذه الحوارات التي انطلقت مع الحكومة تظل بعيدة عنا إلى حين إيجاد كل الفئات المعنية بهذه الإضرابات والتصعيد ما يستجيب لمطالبها، لكون الأساتذة والأستاذات يريدون فعلا ممارسة عملهم في ظروف وأجواء وشروط تكون مطمئنة أكثر من أي شيء آخر”.
يشار إلى أن أول اجتماع للنقابات التعليمية الأربع مع الحكومة أفضى إلى “تجميد النظام الأساسي الجديد، الذي أسفر عن توتر كبير خيم، ومازال، على الساحة التعليمية منذ أكثر من شهرين”؛ كما اتُّفق على “إعادة النظر في مقتضياته وفق المقترحات التي قدمها التنسيق النقابي الرباعي في مذكرة سابقة”، بحسب ما أفادته حينها مصادر لجريدة هسبريس. لكن هذا القرار لحقه رفض عارم في صفوف الشغيلة التعليمية، التي مازالت تتمسك بخيار الإضراب حتى الآن.